العلاقة بين القضاء التجاري والتحكيم،التحكيم يُعتبر وسيلة بديلة لحل النزاعات التجارية، وهو يحظى بانتشار واسع على مستوى العالم لما يتميز به من السرعة والمرونة وسرية الإجراءات. وفي المملكة العربية السعودية، أولى نظام المحاكم التجارية اهتمامًا خاصًا بالتنسيق مع نظام التحكيم، بحيث لا يكون القضاء والتحكيم في حالة تنازع، بل في علاقة تكاملية تهدف إلى حماية الحقوق وتسهيل إنفاذ العقود هذا التوجه ينسجم مع رؤية المملكة 2030 في جعل البيئة القضائية محفزة للاستثمار، من خلال الجمع بين عدالة القضاء ورشاقة التحكيم.
أولاً: الأساس النظامي للعلاقة بين القضاء والتحكيم:
- نص النظام على أن المحاكم التجارية تختص بدعم إجراءات التحكيم، مثل تعيين المحكّمين عند الخلاف أو النظر في الطعون المتعلقة ببطلان حكم التحكيم.
- أقرّ النظام أن حكم التحكيم بعد اكتسابه الصيغة التنفيذية يُعامل معاملة الحكم القضائي.
- منح القضاء سلطة الرقابة على التحكيم لضمان عدم مخالفته لأحكام الشريعة أو النظام العام.
ثانيًا: التكامل بين القضاء والتحكيم:
1.دور القضاء في مرحلة ما قبل التحكيم: اعتماد شرط التحكيم في العقود، وإصدار أوامر وقتية أو تحفظية لحماية الحق حتى يبدأ التحكيم.
2.دور القضاء أثناء التحكيم: تعيين محكم بديل عند امتناع أحد الأطراف، والفصل في الطعون المتعلقة باختصاص هيئة التحكيم.
3.دور القضاء بعد التحكيم: إصدار أمر بتنفيذ حكم التحكيم، والنظر في دعاوى بطلان حكم التحكيم عند وجود مخالفة شرعية أو نظامية.
ثالثًا: مزايا التكامل بين القضاء والتحكيم:
1.ضمان الرقابة الشرعية والنظامية على التحكيم.
2.حماية المستثمرين من إساءة استخدام شرط التحكيم.
3.تسريع الفصل في المنازعات عبر التحكيم مع الاحتفاظ بسلطة القضاء الرقابية.
4.تعزيز الثقة الدولية في بيئة الأعمال السعودية، لكونها تجمع بين مرونة التحكيم وقوة القضاء.
رابعًا: التحديات العملية:
1.إطالة أمد التحكيم إذا تدخل القضاء بشكل مفرط.
2.إمكانية تضارب الاختصاص عند عدم وضوح شرط التحكيم في العقد.
3.الطعن المتكرر ببطلان حكم التحكيم مما قد يفرغ التحكيم من مضمونه.
4.ضعف وعي بعض التجار بأهمية صياغة شرط تحكيم واضح ومتوازن.
خامسًا: المقارنة مع الأنظمة الدولية:
- في فرنسا: القضاء يدعم التحكيم بشكل محدود جدًا ولا يتدخل إلا في حالات البطلان الجوهري.
- في الولايات المتحدة: المحاكم ملزمة بإنفاذ شرط التحكيم، ولا تتدخل إلا عند الغش أو تجاوز هيئة التحكيم لولايتها.
- في السعودية: النظام أخذ بمبدأ الرقابة المتوازنة؛ أي أنه يحترم استقلال التحكيم لكن يمنع تجاوزه للشريعة أو النظام العام.
سادسًا: أمثلة تطبيقية:
1.عقد توريد دولي تضمن شرط تحكيم: دعمت المحكمة التجارية شرط التحكيم وأحالت النزاع إلى هيئة التحكيم المختصة.
2.شركة مساهمة طعنت ببطلان حكم تحكيم لمخالفته الشريعة: ألغت المحكمة الحكم وأعادت النزاع للتحكيم.
3.نزاع عقاري تجاري: أصدرت المحكمة أمرًا بتنفيذ حكم التحكيم فورًا بعد اكتسابه الصيغة التنفيذية.
سابعًا: مقترحات لتعزيز التكامل بين القضاء والتحكيم:
1.توضيح شروط التحكيم في العقود التجارية لتجنب تضارب الاختصاص.
2.إنشاء دوائر متخصصة داخل المحاكم التجارية لدعم التحكيم فقط.
3.تسريع إجراءات الاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وفق اتفاقية نيويورك.
4.تعزيز وعي التجار بدور التحكيم عبر الغرف التجارية.
5.التوسع في التحكيم الإلكتروني مع إشراف قضائي لضمان صحته.