دور المملكة في التعاون الدولي في مكافحة الفساد:
أصبحت مكافحة الفساد اليوم قضية عابرة للحدود، إذ لم يعد الفساد محصورًا داخل حدود الدولة، بل باتت له امتدادات خارجية عبر تهريب الأموال أو إنشاء شركات وهمية في الخارج. ومن هنا كان لا بد من التعاون الدولي كركيزة أساسية لمواجهة هذه الجريمة. وقد نص نظام هيئة الرقابة ومكافحة الفساد على صلاحية الهيئة في التعاون مع الأجهزة النظيرة في الدول الأخرى والمنظمات الدولية. وهو ما يعكس التزام المملكة بالاتفاقيات الدولية وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC).
أولًا: الأساس النظامي للتعاون الدولي:
ورد في المادة الرابعة من النظام: “التعاون مع الأجهزة النظيرة في الدول الأخرى والمنظمات الدولية ذات العلاقة، فيما يسهم في تحقيق أهداف الهيئة، وفق الاتفاقيات التي تكون المملكة طرفًا فيها أو مبدأ المعاملة بالمثل” هذا النص يمنح الهيئة صلاحية واسعة لتبادل المعلومات والخبرات، وتنسيق الجهود على المستوى الدولي.
ثانيًا: أهمية التعاون الدولي في مكافحة الفساد:
1.تتبع الأموال المهربة: استرداد الأموال غالبًا يتطلب تعاونًا مع بنوك وهيئات قضائية أجنبية.
2.مواجهة الجرائم العابرة للحدود: مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب المرتبط بالفساد.
3.تعزيز الثقة الدولية: الالتزام بالمعايير العالمية يزيد من ثقة المستثمرين الأجانب.
4.الاستفادة من الخبرات الدولية: عبر التدريب وتبادل أفضل الممارسات.
ثالثًا: صور التعاون الدولي:
1.الاتفاقيات الدولية: مثل UNCAC التي تُلزم الدول الأعضاء بالتعاون في التحقيقات واسترداد الموجودات.
2.الاتفاقيات الثنائية: توقيع مذكرات تفاهم مع الدول لتسهيل تبادل المعلومات.
3.المنظمات الإقليمية: مثل مجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي.
4.المؤتمرات والمنتديات الدولية: المشاركة الفاعلة في صياغة السياسات العالمية لمكافحة الفساد.
رابعًا: التحديات التي تواجه التعاون الدولي:
1.اختلاف الأنظمة القانونية: قد تصعّب ملاحقة الجرائم عبر الحدود.
2.البطء في الإجراءات: استرداد الأموال قد يستغرق سنوات طويلة.
3.غياب الإرادة السياسية في بعض الدول: مما يضعف فاعلية الاتفاقيات.
4.التعقيد التقني: استخدام تقنيات متطورة لإخفاء الأموال وتهريبها.
خامسًا: دور المملكة في تعزيز التعاون الدولي:
1.المشاركة الفاعلة في UNCAC: المملكة عضو نشط في مؤتمرات الدول الأطراف.
2.توقيع اتفاقيات ثنائية: مع عدد من الدول لتبادل المعلومات واسترداد الأموال.
3.استضافة المؤتمرات الدولية: لتعزيز دورها الريادي في مكافحة الفساد.
4.الالتزام بالمعايير المالية الدولية: مثل توصيات مجموعة العمل المالي (FATF).
سادسًا: المقارنة مع التجارب الدولية:
- سنغافورة: لديها شبكة دولية قوية لتبادل المعلومات المالية.
- سويسرا: رغم سرية البنوك لديها، أصدرت قوانين مشددة لملاحقة الأموال غير المشروعة.
- الولايات المتحدة: تستخدم اتفاقيات المساعدة القانونية المتبادلة (MLAT) كأداة رئيسية للتعاون.
سابعًا: الحلول المقترحة لتعزيز التعاون الدولي في المملكة:
1.التوسع في الاتفاقيات الثنائية خصوصًا مع الدول التي تُعتبر ملاذًا للأموال المهربة.
2.تسريع آليات المساعدة القضائية عبر بروتوكولات موحدة.
3.تعزيز الكوادر الوطنية بالتدريب على القوانين الدولية.
4.إنشاء وحدة متخصصة للتعاون الدولي داخل الهيئة لمتابعة جميع القضايا العابرة للحدود.




