القَسَم الوظيفي لأعضاء هيئة الرقابة و مكافحة الفساد:
يُعتبر القَسم الوظيفي لأعضاء هيئة الرقابة ومكافحة الفساد من أبرز الضمانات النظامية والأخلاقية التي نص عليها المشرع السعودي. فهذا القسم ليس مجرد إجراء شكلي، بل يمثل التزامًا قانونيًا وأخلاقيًا يُذكِّر العضو بمسؤولياته الجسيمة في مكافحة الفساد وصون المال العام. وفي ظل ما نص عليه النظام من سلطات واسعة للهيئة، فإن القسم يصبح أداة لتعزيز النزاهة الداخلية وضمان الحياد والاستقلالية.
أولًا: الأساس النظامي للقَسم:
نص النظام على أن أعضاء وحدة التحقيق والادعاء الجنائي، قبل مباشرتهم أعمالهم، يؤدون القسم التالي: “أقسم بالله العظيم أن أؤدي أعمالي بالأمانة والصدق والحياد، وألا أفشي أسرار القضايا أو المعلومات التي أطلع عليها بحكم عملي، وأن أحافظ على الشرف والكرامة والنزاهة” هذا النص يربط ممارسة الوظيفة بالالتزام الشرعي والقانوني، ويضع أساسًا للمسؤولية الجنائية والتأديبية في حال الإخلال به.
ثانيًا: الأبعاد النظامية للقَسم:
1.الصفة القانونية: القسم شرط لمباشرة العضو عمله، وأي عمل قبل أدائه يكون باطلًا.
2.المسؤولية التأديبية: الإخلال بالقَسَم يُعرض العضو للمساءلة وربما العزل.
3.السرية الوظيفية: التأكيد على عدم إفشاء المعلومات، وهو أمر جوهري لحماية سير التحقيقات.
4.النزاهة والحياد: القسم يرسّخ ضرورة التجرد من أي مصالح شخصية عند أداء العمل.
ثالثًا: الأبعاد الأخلاقية للقَسم:
1.تعزيز الرقابة الذاتية: القسم يستحضر الوازع الديني والأخلاقي في نفس العضو.
2.غرس القيم المؤسسية: الالتزام بالأمانة والشرف يعكس هوية الهيئة كجهاز نزاهة.
3.حماية سمعة الدولة: الأعضاء يمثلون المملكة أمام الداخل والخارج، وسلوكهم يحدد صورة النزاهة الوطنية.
رابعًا: الأثر العملي للقَسم:
- على مستوى التحقيقات: ضمان حياد المحقق وعدم انحيازه لطرف دون آخر.
- على مستوى المجتمع: تعزيز ثقة المواطنين في أن قضايا الفساد تُدار بأيدٍ مؤتمنة.
- على المستوى الدولي: التزام المملكة بالمعايير العالمية للنزاهة، ما يعزز صورتها أمام المنظمات الدولية.
خامسًا: التحديات في الالتزام بالقَسَم:
1.الضغوط الخارجية: قد يتعرض العضو لمحاولات التأثير أو الإغراء.
2.صعوبة الفصل بين المصلحة العامة والضغوط المؤسسية.
3.ضعف الوعي المؤسسي بالقيم: إذا لم يتم تعزيز ثقافة النزاهة باستمرار.
سادسًا: الحلول المقترحة:
1.برامج تدريبية دورية لتعزيز أخلاقيات المهنة.
2.رقابة داخلية صارمة لضمان التزام الأعضاء بالقَسَم.
3.إجراءات حماية للأعضاء من الضغوط أو التهديدات.
4.ترسيخ ثقافة مؤسسية تجعل من القَسَم جزءًا من هوية العمل اليومي لا مجرد بداية وظيفية.
سابعًا: البعد الشرعي للقَسَم:
القَسم في الشريعة الإسلامية أمر عظيم، قال تعالى: “واحفظوا أيمانكم” [المائدة: 89]. وهو يحمّل صاحبه مسؤولية دينية قبل أن تكون قانونية. وبذلك فإن القسم الوظيفي يربط بين الالتزام الديني والواجب النظامي، ما يعزز من قوة الردع الذاتي.





