وحدة التحقيق والادعاء الجنائي،يمثل إنشاء وحدة التحقيق والادعاء الجنائي داخل هيئة الرقابة ومكافحة الفساد نقطة تحول بارزة في المنظومة العدلية السعودية. فقد أراد المشرع من خلال هذه الوحدة أن يزوّد الهيئة بذراع قضائي-تحقيقي يمكّنها من مباشرة القضايا دون الاعتماد الكامل على النيابة العامة. وهذا يثير تساؤلات مهمة حول مدى استقلال هذه الوحدة، وهل تماثل سلطاتها سلطات النيابة العامة أم أنها سلطة خاصة ذات طبيعة استثنائية؟
أولًا: الأساس النظامي للوحدة:
نص النظام على أن للهيئة وحدة تسمى وحدة التحقيق والادعاء الجنائي ترتبط مباشرة برئيس الهيئة وتتولى التحقيق في جرائم الفساد وإقامة الدعوى أمام المحكمة المختصة. كما أوجب أن تتوافر في أعضائها الشروط النظامية لشغل وظيفة عضو النيابة العامة، هذا النص يبيّن بوضوح أن الوحدة ليست مجرد إدارة داخلية، بل كيان قضائي مستقل نسبيًا، يتمتع أعضاؤه بالصفة القضائية.
ثانيًا: عناصر الاستقلالية:
1.الصفة القضائية للأعضاء: أعضاء الوحدة يتمتعون بالاستقلال ولا يخضعون إلا لأحكام الشريعة والأنظمة ذات الصلة.
2.مجلس الوحدة: يتألف من الرئيس، ورئيس الوحدة نائبًا للرئيس، وخمسة أعضاء يُعينون بأمر ملكي مما يعزز الحياد ويحد من التبعية الإدارية.
3.الحماية الوظيفية: إنهاء خدمة عضو الوحدة لا يتم إلا بأمر ملكي وبناءً على قرار من مجلس الوحدة، باستثناء حالات الوفاة أو بلوغ السن النظامية أو عدم اجتياز مدة التجربة.
ثالثًا: سلطات الوحدة:
- التحقيق والادعاء: لها سلطة التحقيق المباشر في جرائم الفساد، ورفع الدعوى الجزائية أمام المحكمة الجزائية بالرياض.
- إنشاء الدوائر: لمجلس الوحدة سلطة إنشاء الدوائر وفق حاجة العمل.
- إصدار القرارات الوظيفية: من تعيين وترقية ونقل وتأديب أعضاء الوحدة.
- اليمين الوظيفي: يؤدي أعضاء الوحدة قَسَمًا خاصًا يركز على الأمانة وعدم إفشاء المعلومات.
رابعًا: أوجه الشبه مع النيابة العامة:
- الوظيفة: التحقيق والادعاء.
- الاستقلال: كلاهما لا يخضع إلا للشريعة والأنظمة.
- المعاملة الوظيفية: يعامل أعضاء الوحدة معاملة أعضاء النيابة العامة من حيث الرواتب والبدلات والامتيازات
خامسًا: أوجه الاختلاف:
1.النطاق: النيابة العامة تختص بجميع الجرائم، بينما الوحدة تختص فقط بجرائم الفساد.
2.التبعية: النيابة العامة جهاز مستقل بذاته، بينما الوحدة تابعة للهيئة إداريًا ومرتبطة برئيسها.
3.الطبيعة الاستثنائية: إنشاء الوحدة جاء كإضافة خاصة لمحاربة الفساد، بينما النيابة العامة تمثل الأصل العام.
سادسًا: الآثار المترتبة على وجود الوحدة:
1.فعالية أكبر في مكافحة الفساد: سرعة اتخاذ الإجراءات دون انتظار إحالة القضايا لجهة أخرى.
2.تراكم الخبرة: من خلال تركيز التحقيق في قضايا الفساد لدى وحدة متخصصة.
3.تعزيز الردع العام: إبراز أن قضايا الفساد تحظى بجهاز قضائي مستقل.
سابعًا: التحديات المحتملة:
- ازدواجية الاختصاص: قد يحدث تداخل بين النيابة العامة والوحدة في بعض القضايا المركبة.
- الحاجة للتدريب المتخصص: خصوصًا في الجرائم المالية المعقدة.
- مخاطر تضارب المصالح: نتيجة الجمع بين السلطة الرقابية والتحقيقية في جهاز واحد.
ثامنًا: الحلول المقترحة:
1.تحديد دقيق لاختصاصات الوحدة في لائحة تنفيذية.
2.إنشاء آلية تنسيقية دائمة بين النيابة العامة والهيئة لحل التعارضات.
3.التوسع في المحاكمات الرقمية لتسريع الإجراءات وتقليل الأعباء.


