محامي قضايا الفساد المالي:
تعد قضايا الفساد المالي من أكثر القضايا تعقيدًا وتشابكًا، إذ تتعلق عادة بعقود حكومية، أو مناقصات عامة، أو استثمارات تتداخل فيها المصالح الخاصة بالمصالح العامة، وهنا يظهر دور محامي الفساد المالي في إدارة المعركة القانونية بدقة عالية، وضمان أن يُفصل بين المسؤولية الجنائية والمسؤولية الإدارية أو المحاسبية.
في مثل هذه القضايا، يعتمد المحامي على تحليل مستندات معقدة تشمل فواتير، حوالات بنكية، عقود توريد، وميزانيات مالية، ويستعين بخبراء محاسبة جنائية لتفكيك مسار الأموال والكشف عن مدى صحة الاتهام.
إذ كثيرًا ما يكون الاتهام مبنيًا على مجرد شبهات أو تضخيم لإجراءات إدارية، بينما يتضح من خلال التحليل القانوني أن الفعل لا يُشكّل جريمة فساد بالمعنى النظامي.
وفقًا لنظام مكافحة الرشوة السعودي، فإن الرشوة تُعد جريمة مكتملة الأركان لا تقوم إلا إذا ثبت العطاء أو الطلب أو القبول، وتوافر القصد الجنائي.
ومن هنا، يعمل المحامي على التركيز على عنصر “القصد” الذي يعدّ الركن الجوهري في قضايا الفساد، إذ إن انعدام القصد الجنائي يزيل الصفة الجرمية عن الفعل حتى وإن كان مخالفًا للإجراءات.
كما يعتمد المحامي الناجح على نقض الأدلة الظرفية وإثبات أن موكله تصرف في إطار الصلاحيات النظامية، ولم يحصل على أي منفعة خاصة.
ويستشهد المحامي في مذكراته القضائية بقرارات المحكمة العليا التي أكدت أن “القرائن وحدها لا تكفي للإدانة في قضايا الفساد المالي إلا إذا اقترنت بدليل يقيني”.
إن الدفاع في قضايا الفساد المالي يحتاج إلى محامٍ يجمع بين المعرفة القانونية الدقيقة والخبرة المحاسبية الفنية؛ ليتمكن من تفنيد الاتهامات وتحويل مسار القضية من الإدانة إلى البراءة أو إلى غرامة إدارية فقط.





