قضايا المنازعات المصرفية، اتسع النشاط المصرفي للمملكة في الأوانة الأخيرة وحرصاً على استقرار الأوضاع الاقتصادية للبنوك والمتعاملين معها وبسبب تعدد جهات الفصل في قضايا المنازعات المصرفية صدر الأمر السامي رقم ( 729/8 ) بتاريخ 10/7/1407هجرياً بتشكيل لجنة في مؤسسة النقد العربي السعودي لدراسة القضايا المصرفية وإحالتها إلى اللجنة إلى أن صدر قرار وزير المالية بتاريخ 22/11/1407 هِجْرِيًّا بإعتماد لائحة وإجراءات عمل لجنة تسوية المنازعات المصرفية ومن ثم صدر الأمر الملكي رقم (37441) بتاريخ 11/8/1433هجرياً الذي تضمن في بنده الأول تعديل اسم لجنة تسوية المنازعات المصرفية ليصبح لجنة المنازعات المصرفية لتكون مختصة بالفصل في المنازعات المصرفية الأصلية والتبعية.
أولاً:- اختصاصات اللجنة
تعريف الجهة المصرفية بأنها الجهة المرخص لها بممارسة الأعمال المصرفية من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي، وأي جهة أجنبية مرخص لها في دولة أخرى بممارسة أي عمل من الأعمال المصرفية.
و تختص اللجنة بالفصل في المنازعات المصرفية الأصلية، والمنازعات المصرفية بالتبعية وفقاً للأحكام الواردة في هذه القواعد، وبما لا يتعارض مع اختصاصات الجهات القضائية الأخرى، بالإضافة إلى وجود لجنة استئنافية للمخالفات والمنازعات المصرفية ولقد نصت المادة الثالثة من القانون على اختصاصها حيث نصت على “تختص اللجنة الاستئنافية بما يأتي:-
- النظر في الاعتراضات المقدمة ضد قرارات اللجنة.
- النظر في الاعتراضات المقدمة ضد قرارات لجنة الفصل في مخالفات نظام مراقبة البنوك.”
ثانياً:- الاختصاص الولائي للجنة قضايا المنازعات المصرفية
يعد نص المادة الثانية من الأمر السامي الملكي واضح حيث أشترط لانعقاد الاختصاص الولائي للجنة أن:-
1. ان يكون أحد طرفي الدعوى بنكاً.
فالبنك هو الشخص المرخص له بالعمل في المملكة كبنك، وإذا كان البنك الطرف في الدعوى أجنبياً من خارج المملكة فيجب أن يكون مُرَخَّصًا له بالعمل في دولته كبنك، وتختص اللجنة بنظر منازعات الشركات المسجلة في الخارج على أنها تمارس نشاطها بتمثيل المصارف الأجنبية وتقوم كمؤسسة مالية عالمية بإصدار الشيكات السياحية لأن عملها يدخل ضمن المقصود بالأعمال المصرفية التي تزاولها البنوك.
ولكن نصت المادة السابعة على استثناء حيث نصت على اختصاص اللجنة بنظر دعاوى ( دائني الأشخاص) المدينين للبنوك وذلك متى كان للمدين مستحقات لدى إحدى الجهات الحكومية وتم الحجز عليها من قبل اللجنة حتى تكون البنوك أسوة بالغرماء.
2. أن تكون الدعوى متعلقة بعمل مصرفي .
يشترط في المنازعة التي تعرض على اللجنة أن تكون ذات طبيعة مصرفية والمقصود بذلك الدعاوى ذات الصفة المصرفية التي تنشأ عن ممارسة البنك لأعماله المصرفية التقليدية مثل فتح الحسابات وتلقي الودائع وإصدار خطابات الضمان وفتح الإعتمادات المستندية وتقديم القروض بأنواعها وغير ذلك من الأعمال المصرفية.
ويشمل اختصاص اللجنة الأعمال الأخرى غير تقليدية وهي التي تظهر بسبب التطورات المتلاحقة في البيئة الاقتصادية والمالية وتتطلب ضرورة تقديم سلسلة خدمات متنوعة لا تعتمد على الرصيد مثل عمليات المبادلات والعقود الآجلة واتفاقيات أسعار الفائدة الآجلة، وبالإضافة إلى الأعمال الأخرى التي تقوم على أساس تبنى المشروعات الاستثمارية في القطاعات المختلفة ودعمها مالياً وإدارياً بما تلزمه من توفير التمويل اللازم لها سواء إقراض أو مساهمة أو عرض سندات.
ثانياً:- إجراءات نظر الدعوى أمام اللجنة
يطبق على الدعاوى المرفوعة أمام اللجنة نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية وهذا ما نصت عليه المادة الرابعة حيث تنص على :-
- يكون نظر اللجنتين في الدعاوى وفقاً لما ورد في هذه القواعد، والأنظمة واللوائح والتعليمات والمعلومات والبيانات الثابتة في ملف الدعوى، والاتفاقيات المبرمة من بين أطراف الدعوى.
- تطبق اللجنتين نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية -بحسب الأحوال- فيما لم يرد فيه نص في هذه القواعد وبما لا يتعارض مع اختصاصات وصلاحيات وطبيعة عملها.”
نصت المادة الخامسة على ” يرفع الدعوى من له صفة أو مصلحة في الدعوى أو من يمثله بصحيفة مستوفية لمتطلباتها الواردة في نظام المرافعات الشرعية أو نظام الإجراءات الجزائية بحسب الأحوال، ويجوز رفع الدعوى وتقديم المذكرات من خلال الوسائل الإلكترونية التي توفرها الأمانة ووفق المتطلبات المحددة في تلك الوسائل.
وفي جميع الأحوال تعد الدعوى مقيدة من تاريخ تقديمها ”
ويتم تقديم الدعوى من خلال الخدمات الإلكترونية في موقع الأمانة العامة للجان المنازعات والمخالفات المصرفية والتمويلية.
ونصت المادة السادسة على: تتولى الأمانة قيد الدعاوى، والقيام بالتبليغات وتحضير الدعاوى والتواصل مع أطرافها.
وتنص المادة السابعة على ” تجوز الاستعانة في تبليغ أطراف الدعوى بالمؤسسات والشركات المقدمة للخدمات البريدية، ويجوز كذلك استعمال الوسائل الإلكترونية لتبليغ أطراف الدعوى ومنها البريد الإلكتروني والإتصالات الهاتفية المسجلة والرسائل النصية المرسلة عبر الهاتف والفاكس، ويترتب على التبليغ بتلك الوسائل ما يترتب على التبليغ بالطرق المعتادة، ويعد التبليغ بتلك الوسائل تبليغاً لشخص المرسل إليه”
ويتم تقديم طريقة لائحة الدعوى كالتالي:-
- يجب أن تكون لائحة الدعوى مطبوعة على ورقة مقاس A٤ وليست مكتوبة بخطة اليد، نوع الخط Traditional Arabic، حجمه ۱٤، مساحة الهوامش من كافة الجهات الأربع ۲ سم.
- أن تكون اللائحة موجهة إلى أمين عام لجان المنازعات والمخالفات المصرفية والتمويلية.
- شرح الدعوى بشكل واضح ومختصر.
- تحديد الطلبات على وجه الدقة.
- المستندات المطلوبة:
- صورة من هوية المدعي / السجل التجاري.
- صورة من عقد التأسيس في حال كان المدعي شركة.
- صورة من هوية الوكيل -إن وجد-، ونسخة من الوكالة.
- صورة من صك حصر الورثة في حال كان المدعون كل أو بعض الورثة.
- نسخ من المستندات المؤيدة للدعوى مثل الاتفاقيات، كشوف الحساب.
بعد تقديم الدعوى وبعد قيدها، يتم تبليغ المدعى عليه وإمهاله ثلاثة أسابيع للرد على الدعوى، وعند تقديم المدعى عليه لردّه، يُطلب تعقيب المدعي، ويُمهل ثلاثة أسابيع للرد، وعند تعقيب المدعي على رد المدعى عليه، يُطلب تعقيب المدعى عليه الرد، ويُمهل ثلاثة أسابيع للرد، وبعد ورود تعقيب المدعى عليه، يتم تحضير الدعوى ودراستها وتحديد موعداً لنظرها أمام اللجنة المختصة، وفي كافة مراحل الدعوى سيتم إشعار أطراف الدعوى بما يتم على الدعوى، وذلك عن طريق رسالة نصية على الهاتف الجوال، أو عن طريق إرسال بريد إلكتروني.
بالنسبة لقرارات لجنة المنازعات المصرفية، ولجنة الفصل في المخالفات والمنازعات التمويلية؛ يعد القرار نهائياً واجب النفاذ ما لم يتقدم أحد الطرفين بطلب استئنافه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسلم نسخة القرار والتوقيع على ذلك، أو من التاريخ المحدد لتسلم نسخة القرار أيهما أسبق ، أما بالنسبة لقرار لجنة النظر في مخالفات نظام المعلومات الائتمانية ، فإنه يجوز التظلم من القرار أمام ديوان المظالم خلال ستين يوماً من تاريخ الإبلاغ بالقرار.
ثالثاً:- لجنة الفصل في قضايا المنازعات المصرفية
لقد قامت لجنة الفصل في المخالفات والمنازعات التمويلية على صدور العديد من الأحكام القضائية بإثبات مخالفة العديد من الممارسين لأنشطة التمويل دون الحصول على ترخيص من مؤسسة النقد العربي السعودي والتي تضمنت أحكاماً بالسجن والغرامة ،ولقد تضمنت الأحكام الصادرة السجن لمدة ستة شهور وتم إيقاع العديد من الغرامات المالية التي تصل إلى 100 ألف ريال لمخالفتهم نظام مراقبة شركات التمويل ولائحته التنفيذية.
ولقد نصت المادة (29) من نظام مراقبة شركات التمويل على “إذا ارتكبت الشركة مخالفات تتعلق بتجاوزات مهنية أو بتعاملات تعرض مساهميها أو لدائنيها للخطر؛ أو
إذا تجاوزت ديون الشركة أصولها، فعلى المؤسسة – بقرار كتابي وبما يتناسب مع حجم المخالفة، أن تتخذ بحق الشركة واحداً أو أكثر مما يأتي:-
- إنذارها.
- تكليفها بتقدم برنامج ملائم يوضح ما ستتخذه من إجراءات لإزالة المخالفة وتصحيح الوضع.
- إلزامها بوقف بعض عملياتهما أو منعها من توزيع الأرباح.
- إيقاع الغرامة المالية المنصوص عليها في المادة (الرابعة والثلاثين) من هذا النظام وذلك بحسب الأحوال.
- إلزامها بإيقاف الشخص المخالف – من غير أعضاء مجلس الإدارة – عن العمل بشكل مؤقت، أو إلزامها بفصله تبعاً لخطورة المخالفة.
- إيقاف رئيس مجلس إدارتها أو أي من أعضاء المجلس عن العمل إيقافًا مؤقنًا.
- تعيين مستشار أو أكثر لتقديم المشورة لها في إدارة أعمالها على نفقتها.
- تعليق سلطة مجلس الادارة وتعيين مدير على نفقة الشركة لإدارة أعمالها إلى أن تزول الأسباب الداعية إلى ذلك، وفق تقدير المؤسسة.
وإن رأت المؤسسة أن المخالفة تستوجب إلغاء الترخيصين أو تصفية الشركة؛ فعليها إقامة دعوى أمام المحكمة المختصة؛ وللمؤسسة ف الحالات التي تقدرها إيقاف الترخيص إلى حين البت في الدعوى.
ولقد نصت المادة (34) من نظام مراقبة شركات التمويل على “تفرض المؤسسة غرامة مالية لا تتجاوز (250. 000) مائتين وخمسين ألف ريال عند ارتكاب أي من المخالفات المنصوص عليها في المادة (49) من هذا النظام والتي تنص على “يعد مخالفاً لأحكام هذا النظام أي شخص يقوم عمداً بعمل أو يشارك في أي إجراء يوجد انطباعاً غير صحيح أو مضللا بشأن السوق، أو الأسعار، أو قيمة أي ورقة مالية، بقصد إيجاد ذلك الانطباع، أو لحث الآخرين على الشراء أو البيع أو الاكتتاب في تلك الورقة، أو الإحجام عن ذلك أو لحثهم على ممارسة أي حقوق تمنحها هذه الورقة، أو الإحجام عن ممارستها”
وعند استمرار المخالفة يجوز للمؤسسة فرض غرامة مالية لا تتجاوز(10.000) عشرة الإف ريال عن كل يوم تستمر فيه المخالفة.”
وتم صدور قرار للاستئناف للأمانة العامة بلجنة المنازعات المصرفية في منازعات الأوراق المالية حيث تم إدانة المتهمين بالتلاعب والتضليل في الأوراق المالية وتم الحكم على المتهم الأول:-
- غرامة مالية قدرها (110.000) مائة وعشرة آلاف ريال.
- دفع المكاسب غير المشروعة المتحققة على محفظته الاستثمارية نتيجة المخالفات إلى حساب هيئة السوق المالية، والبالغ قدرها (16631،17) ستة عشر ألفاً وستمائة وواحد وثلاثون ريالاً وسبع عشرة هللة.
بينما حكم على المتهم الثاني:-
- غرامة مالية قدرها (260،000) مائتان وستون ألف ريال.
- دفع المكاسب غير المشروعة المتحققة على محفظته الاستثمارية نتيجة المخالفات إلى حساب هيئة السوق المالية، والبالغ قدرها (47،683،29) سبعة وأربعون ألفاً وستمائة وثلاثة وثمانون ريالاً وتسعة وعشرون هللة.
من خلال هذا المقال تم توضيح المقصود بلجنة المنازعات المصرفية وعن النظام الذي يحكمها وشروط رفع الدعوى وإجرائها والعقوبات التي تم النص عليها، وأنه يوجد فرصة للاستئناف على قرارات اللجنة ولكن قرار اللجان الاستئنافية نهائي ولا يُقبل الاعتراض عليه أمام أي جهة أخرى، إلا أنه يجوز تقديم طلب (التماس إعادة النظر) أمام اللجان الاستئنافية بشرط توافر إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة المائتان من نظام المرافعات الشرعية.