قضايا التعاطي والتمييز بين المتعاطي والمروج،تُعد قضايا المخدرات من أكثر الجرائم حساسية في النظام القانوني السعودي، إذ تمس الأمن العام والصحة المجتمعية في آنٍ واحد.
ويُعد نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية من الأنظمة التي وضعت تدرجًا واضحًا بين أفعال التعاطي والترويج والتهريب، مراعيًا مبدأ العدالة والإنسانية في آن واحد.
التمييز القانوني بين المتعاطي والمروج:
الفرق بين المتعاطي والمروج ليس شكليًا، بل هو جوهري من حيث القصد الجنائي والأثر الاجتماعي، فالمتعاطي غالبًا ما يكون ضحية ضعف أو انحراف مؤقت، بينما المروج مجرم محترف يسعى لنشر السموم والتربّح من إفساد الآخرين؛ ولهذا شدد النظام على معاقبة المروج بعقوبات صارمة تصل إلى القتل تعزيرًا في حالات التكرار أو التهريب، بينما منح المتعاطي فرصة العلاج والإصلاح متى ما ثبت حسن نيته.
القصد الجنائي ودوره في تحديد الوصف القانوني:
القاضي في قضايا المخدرات لا يحكم بناءً على الضبط المادي فقط، بل يبحث في النية والسلوك والظروف، فوجود كمية بسيطة من المادة المخدرة لا يكفي لاتهام الشخص بالترويج، ما لم توجد قرائن قوية مثل: أدوات التغليف أو المبالغ النقدية أو التواصل التجاري، وهنا يظهر دور المحامي في توضيح التكييف القانوني الصحيح للفعل وفق نظام مكافحة المخدرات.
العدالة القضائية في التفرقة بين الأفعال:
العدالة لا تتحقق إلا بالتمييز بين الجريمة الفردية التي يمكن إصلاحها، والجريمة التي تهدد المجتمع بأكمله؛ ولهذا يحرص القضاء السعودي على تحقيق مبدأ التناسب بين الجريمة والعقوبة، مستندًا إلى المادة (3) من نظام الإجراءات الجزائية، التي تؤكد أنه “لا عقوبة إلا بعد ثبوت الإدانة بأمر محظور شرعًا أو نظامًا”.
البعد الاجتماعي والإنساني في معالجة قضايا التعاطي:
الخلط بين المتعاطي والمروج يخلق فجوة في العدالة، ويؤدي إلى نتائج اجتماعية عكسية، فمعاملة المتعاطي كمجرم خطير تُغلق باب الإصلاح وتزيد من احتمالية انتكاسه؛ ولذلك جاءت السياسة السعودية بمقاربة إصلاحية رحيمة، فتعاقب بحزم من يهدد المجتمع، وتمنح الأمل لمن زلت به القدم نحو التعاطي.
الخلاصة القانونية والإنسانية:
إن المسؤولية القانونية في قضايا المخدرات لا تقوم على مجرد الحيازة، بل على القصد والنية والمصلحة الاجتماعية. والتمييز بين المتعاطي والمروج ليس ترفًا قانونيًا، بل مبدأ أساسي لتحقيق العدالة الجنائية ونجاح السياسة الإصلاحية في المملكة. فالقانون السعودي جمع بين الصرامة في الردع والرحمة في الإصلاح ليحمي المجتمع ويصون الإنسان.


