قضايا التخبيب -قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس منا من خَبَّبَ امرأةً على زوجِها، أو عبدًا على سيِّدِه” . وفي رواية أخرى في صحيح الترغيب، قال صلى الله عليه وسلم: ((من خبَّب عبدًا على أهلِه فليس منا، ومن أفسد امرأةً على زوجِها فليس منَّا)) ، فالتخبيب يعد من أشد الفيروسات التي تهدد الحياة الزوجية ولها آثار سلبية وعواقب وخيمة على الأسرة والمجتمع ويفعلها بعض الناس جهلاً دون إدراك لحرمتها وعواقب هذا الأمر ، ولأجل ذلك أجاز المنظم السعودي جواز رفع دعوى تخبيب في المملكة العربية السعودية وهي حق شرعي وقانوني لكل زوج أو زوجة يعانى من الضرر بسبب طرف ثالث ، وفي هذا المقال سنلقي نظرة على قضايا التخبيب في المملكة العربية السعودية.
اولاً:- مفهوم التخبيب.
التخبيب هو إفساد المرأة على زوجها، أو إفساد الرجل على زوجته وهذا يكون من خلال استخدام أساليب الغش والخداع والتغرير بهدف فك الرابطة الزوجية وهدم العلاقة القائمة بين الأشخاص ويتم التخبيب كالاتي:
- أن يتعمد أحدهما بتخبيب الزوجة رغبة في الزواج منها، وكذلك من النساء من تخبب الرجل على زوجته رغبة في الزواج منه.
- السعي بين المتزوجين بالغيبة والنميمة وبالكلام البذيء؛ رغبة في التفريق بينهما، إما بسبب الحقد، أو الحسد، أو موقف قديم بين الأسرتين، أو حتى بين الأولاد.
- مدح الأجنبيات أمام الرجل، وأن له تجارِبَ جميلة وسعيدة مع هذا البلد وتلك الدولة، ويكون التخبيب بقصد أو غير قصد، لكن نهايته فساد الأسرة.
- أن يتعمد أحدهما أن يذكر فلانًا أو فلانة من الناس بأحسن العبارات وأجملها، ويتعمد ذكر الصفات الحسنة، التي تعاني الزوجة أو الزوج من فقدها في الطرف الآخر، حتى يتعلق قلب الزوج أو الزوجة بهذا الشخص، ويكره شريك حياته.
ثانياً:- أركان جريمة التخبيب .
تعد جريمة التخبيب من الجرائم الجزائية ولها ركن مادي ومعنوي كالتالي:-
الركن المادي:
يقوم الركن المادي لجريمة التخبيب بإتيان الفاعل للأفعال المستوجبة لحصول التخبيب، وتلك الأفعال كالغش والخداع والتغرير، مثل أن يقوم بالتواصل مع زوجة أحدهم بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي ، ويحرضها على رفع دعوى طلاق أو خلع على زوجها.
يقوم الركن المادي لجريمة التخبيب أيضاً من خلال تحريض الزوج على زوجته وبيان الصفات السيئة فيها .
الركن المعنوي:-
من شروط الركن المعنوي لجريمة التخبيب أن يتوفر في الفاعل العلم والإدراك ، أي أن يكون عالماً و مدركاُ بأن ما يقوم به من أفعال الخداع والغش والتغرير والكذب، وبالإضافة إلى توافر القصد الجنائي وهو العمل على خراب الحياة الزوجية بين الزوجين.
ثالثاً :- حكم زواج الرجل بمن أفسدها على زوجها.
اتفق جمهور العلماء على أن نكاح المخبب بمن خبب بها صحيح على الرغم من حرمة التخبيب، وذهب المالكية إلى أن النكاح باطل ويفرق بينهما، معاملة له بنقيض قصده ، وجاء في “الموسوعة الفقهية” « فَمَنْ أَفْسَدَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَيْ: أَغْرَاهَا بِطَلَبِ الطَّلاَقِ أَوِ التَّسَبُّبِ فِيهِ فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ. وَقَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِالتَّضْيِيقِ عَلَيْهِ وَزَجْرِهِ، حَتَّى قَال الْمَالِكِيَّةُ بِتَأْبِيدِ تَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ الْمُخَبَّبَةِ عَلَى مَنْ أَفْسَدَهَا عَلَى زَوْجِهَا مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَلِئَلاَّ يَتَّخِذَ النَّاسُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى إِفْسَادِ الزَّوْجَاتِ»
والراجح هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من صحة نكاحه، فالتخبيب وإن كان حرامًا وكبيرة من الكبائر إلا أن النكاح إذا وقع بشروطه الشرعية كان نكاحًا صحيحًا، وما سبقه من تخبيب لا يعود عليه بالإبطال.
أما ما ذكره المالكية من تحريمها عليه عقوبة له، فالواجب هو تعزيره على هذه المعصية على ما يقرره القاضي الشرعي، وأن تعرَّف المرأة بجلية الحال، فإن أرادت الرجوع إلى زوجها وكان الطلاق رجعيًّا فلها ذلك، وإن أرادت الزواج بغيره فلها ذلك أيضًا.
رابعاً:- عقوبة التخبيب في الشريعة الإسلامية.
لقد ورد حكم التخبيب في الشريعة الإسلامية بأن من يقوم بتخبيب زوج على زوجه ، فيجب عليه الإصلاح بينهم وثم التوبة عن فعلته ، ولقد ذهب بعض فقهاء الشريعة الإسلامية بوجوب حبسه .
عقوبة التخبيب في النظام السعودي.
يطبق على قضايا التخبيب العقوبات المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية والتي تخضع إلى تقدير القاضي للحكم بها.
وختاماً :-
يعد التخبيب اليوم آفة العصر وخاصة في ظل انتشار التكنولوجيا وانفتاح العلاقات ، ولهذا يجب على القاضي تشديد العقوبة عل كل من يخبب زوج على زوجها لأجل الحفاظ على البيوت الإسلامية من الخراب.