إن ضمان حقوق المتهم تعد من أهم الموضوعات والتي يهتم بها الفقه الجنائي بشكل عام وهذا لأنها التعبير الحي على مدى قوة النظام في الدولة ولهذا فإن ضمانات المتهم تعد من أهم المواضيع الإجرائية وهذا لأن الله -عز وجل- يقول في كتابه الكريم “ولقد كرمنا بني آدم”.
ولذلك لا بد من وجود الضمانات التي تحمي حق المتهم ولا تتعرض لحريته وحقوقه ولهذا لابد من أن تحاط الإجراءات الخاصة بالمتهم بمجموعة من الضمانات التي يتحقق بها معيار التوازن بين مصلحة المجتمع في الوصول إلى الحقيقة وعقاب المذنب ولهذا من حق الفرد في ضمان عدم المساس بحريته وحقوقه وتعد تلك الضمانات مستمدة من القوانين الدستورية والقوانين الإجرائية والجزائية.
أولا:- حق الاستعانة بمحام
يعد من حق كل متهم أو مجني عليه أن يقوم بالاستعانة بمحام ولقد نصت المادة (65) من نظام الإجراءات الجزائية على“ للمتهم حق الاستعانة بوكيل أو محام لحضور التحقيق. ويجب على المحقق أن يقوم بالتحقيق في جميع الجرائم الكبيرة وفقًا لما هو منصوص عليه في هذا النظام. وله في غير هذه الجرائم أن يقوم بالتحقيق فيها إذا وجد أن ظروفها أو أهميتها تستلزم ذلك، أو أن يرفع الدعوى بتكليف المتهم بالحضور مباشرة أمام المحكمة المختصة. ”
ثانياً:- حقوق المتهم في الدفاع عن نفسه.
يشترط لأجل صحة التحقيق يجب أن يتم مواجهة المتهم بالتهم المنسوبة إليه وهذا مستمد من حقه في الدفاع وهو حق طبيعي يتعلق بالمبادئ العليا التي تقوم عليها العدالة ولهذا فإن احترام مبدأ مواجهة المتهم تعد من أهم المقومات الأساسية التي يقوم عليها التحقيق.
يعد أخطار المتهم بالوقائع الخاصة بقضيته والمنسوبة إليه من أهم حقوقه حيث يجب إحاطته بكافة الظروف والملابسات التي تحيط بتلك الوقائع وإنه لا يقتصر إخطار المتهم بالوقائع المنسوبة إليه وأدلتها فقط بل يجب إخطاره بالتحقيق ولقد نصت المادة (71) من نظام الإجراءات الجزائية علي” يبلغ الخصوم بالساعة واليوم الذي سيباشر فيه المحقق إجراءات التحقيق والمكان الذي تُجْرى فيه. ” إذن في تلك المادة ألزمت إجراءات التحقيق بإبلاغ المتهم بمكان وموعد التحقيق.
ثالثا:- سرية التحقيق.
في مرحلة التحقيق يهدف المحقق إلى الوصول للحقيقة وأن يكون عمله تحت سمع وبصر الجمهور ولكن قد يحدث أن تكون العلانية المطلقة ضارة بالمتهم ولهذا يقع على عاتق المحقق حق سرية التحقيق تجاه المتهم من حيث حماية بياناته الشخصية وظروف التحقيق ولقد نصت المادة (68) من نظام الإجراءات الجزائية على” تعد إجراءات التحقيق نفسها والنتائج التي تسفر عنها من الأسرار التي يجب على المحققين ومعاونيهم- من كتاب وخبراء وغيرهم ممن يتصلون بالتحقيق أو يحضرونه بسبب وظيفتهم أو مهنتهم- عدم إفشائها، ومن يخالف منهم تتعين مساءلته. ”
رابعاً:- حقوق المتهم أثناء التفتيش
التفتيش هو ذلك العمل الإجرائي الذي يكون بعد وقوع جريمة معينة ويتصل بالإجراءات فيها وهو إجراء من إجراءات التحقيق ويهدف إلى الوصول إلى الدليل المادي في جرائم معينة ومن حقوق المتهم أثناء التفتيش هو تفتيش المسكن بحضور صاحبه أو مَنْ ينيبه أو أحد أفراد أسرته الكامل الأهلية المقيم معه. وإذا تعذر حضور أحد هؤلاء، وجب أن يكون التفتيش بحضور عمدة الحي أو مَنْ في حكمه أو شاهدين، ويُمَكّن صاحب المسكن أو مَنْ ينوب عنه من الاطلاع علي إذن التفتيش ويُثْبَت ذلك في المحضر.
وإذا وجد رجل الضبط الجنائي في مسكن المتهم أوراقًا مختومة أو مغلقة بأي طريقة فلا يجوز له أن يفضها، وعليه إثبات ذلك في محضر التفتيش وعرضها على المحقق المختص، وفي حال لم يكن في المسكن المراد تفتيشه إلا المرأة المتهمة، وجب أن يكون مع القائمين بالتفتيش امرأة.
خامساً:- حقوق المتهم في الصمت
الحق في الصمت هو إحدى أهم الضمانات الإجرائية الناتجة عن قرينة البراءة، ويعرف الفقه والقضاء الجنائي الحق في الصمت هو رفض المتهم للإجابة وأنه لا يصح أن يؤول صمته إلى ما يضر بمصلحته أو أن يستغل ضده بأي كيفية في الإثبات، أو يعرف بميزة السكوت أو الامتناع عن الإجابة عن الأسئلة التي تخص التهمة المنسوبة إليه دون أن يفسر صمته كقرينة ضده، ولقد عمل المنظم السعودي على الحفاظ على حقوق المتهم وضماناته فنص في المادة (102) من نظام الإجراءات الجزائية السعودي على” يجب أن يكون الاستجواب في حال لا تأثير فيها على إرادة المتهم في إبداء أقواله، ولا يجوز تحليفه ولا استعمال وسائل الإكراه ضده. ولا يجوز استجواب المتهم خارج مقر جهة التحقيق إلا لضرورة يقدرها المحقق. “ويجوز صمت المتهم في مرحلة الاستدلال وفي مرحلة التحقيق حيث نصت المادة (72/1) من نظام مديرية الأمن العام المتعلقة باختصاصات مدير الشرطة على” أن يحرر محضر ضد من قامت عليه الأدلة من الأشخاص المتهمين بجريمة هامة، وأصر على الإنكار بعد أن ينذره باستعمال الشدة عليه أن يلاحظ عدم قيامه أو مرؤوسيه بالتضييق على المتهمين قبل الاستئذان في ذلك وصدور الموافقة عليه كتابة الحاكم الإداري “.