جريمة الاعتداء على النفس:تُعد جريمة الاعتداء على النفس من أخطر الجرائم التي يتعامل معها القضاء؛ لما تحمله من تهديد مباشر لسلامة الإنسان وكرامته، فالاعتداء – بصوره المختلفة – لا يمسّ الجسد فحسب، بل يهزّ أمن المجتمع، ويزرع الخوف بين أفراده، وقد أولت الأنظمة السعودية هذه الجريمة عناية خاصة؛ حيث جاء نظام الجرائم والعقوبات ونظام الإجراءات الجزائية ليضعَا إطارًا صارمًا لملاحقة المعتدين، ويُرتب العقوبة بحسب وسيلة الاعتداء وظروفه.
أولًا: الاعتداء بسلاح أبيض:
الاعتداء بسلاح أبيض مثل السكين أو العصا يُعد أكثر شيوعًا، وغالبًا ما ينتج عنه جروح متفاوتة الخطورة.
المشرّع ينظر إلى حمل السلاح الأبيض واستخدامه كعامل مُشدد للعقوبة، إذ يبرهن على نية الجاني المسبقة في إيقاع الأذى، كما أن الأثر الطبي قد يكون دائمًا في حال إصابة أعضاء حيوية، كالعين أو الوجه، مما يضاعف المسؤولية الجنائية والمدنية.
ثانيًا: الاعتداء بسلاح ناري:
أما الاعتداء بالسلاح الناري فهو الأخطر؛ لأنه يهدد الحياة مباشرة، فالطلقة النارية لا تترك مجالًا للمجازفة، وغالبًا ما تؤدي إلى إصابات قاتلة أو عاهات مستديمة؛ لذلك شدد النظام السعودي في المواد المتعلقة بالأسلحة والذخائر، واعتبر استخدامها في الاعتداء ظرفًا مشددًا يرفع العقوبة إلى السجن لمدد طويلة، وقد تصل إلى القتل تعزيرًا إذا نتج عنه وفاة.
ثالثًا: الاعتداء العادي (باليد أو الدفع):
الاعتداء العادي دون استخدام أدوات يُعتبر أخف صور الاعتداء، مثل: الضرب باليد أو الدفع، ورغم بساطته مقارنة بالأسلحة، إلا أنه لا يُستهان به، فقد يخلّف آثارًا نفسية أو بدنية خاصة إذا كان على نحو متكرر أو بقصد الإهانة، والنظام يقرر عقوبات تعزيرية تتدرج من الغرامة إلى السجن، بحسب جسامة الضرر.
الآثار والأضرار المترتبة:
الاعتداء أيًا كان نوعه يخلّف آثارًا جسدية مثل: الجروح أو الكسور، وآثارًا نفسية: كالشعور بالخوف وفقدان الأمان، كما يترتب عليه آثار قانونية، من بينها التعويض المالي للضحية (الحق الخاص)، إضافة إلى العقوبة العامة التي تقررها المحكمة (الحق العام).
مثال واقعي:
في إحدى القضايا، أقدم شاب على الاعتداء على آخر بسكين إثر خلاف بسيط؛ فتسبب له في جرح عميق استدعى تدخلًا جراحيًا وأحدث عاهة جزئية، رأت المحكمة أن استخدام السلاح الأبيض ظرف مشدد، فحكمت بسجنه خمس سنوات وجلده، مع إلزامه بدفع تعويض مالي للمجني عليه، هذا المثال يُبرز خطورة الاعتداء، حتى لو كان الدافع عارضًا.