النظام القانوني للإفلاس الدولي – تطبق قواعد الإفلاس المنصوص عليها في القوانين الوطنية المختلفة عندما يكون المدين ، فرداً أو شركة ، مواطناً يباشر نشاطه التجاري في دولته التي ينتمي إليها بجنسيته أو في الدولة التي بها موطنه ، وتوجد أمواله علي أراضيها ، ويصدر ضده حكم شهر الإفلاس من محاكم بلاده إذا ما توقف عن دفع ديونه ، وفي ظل هذا الوضع التقليدي فلا تثور أية صعوبات حقيقية.
الإفلاس الدولي
ولكن لم يعد نظام الإفلاس مُقتصرًا على حدود دولة واحدة نظرًا لاتساع التجارة ووجود شركات ومشروعات ذات رؤوس أموال ضخمة مُنتشرة فى أكثر من دولة، فعند توقف التاجر وطنيًا كان أم أجنبيًا عن دفع ديون مُستحقه الأداء على نحو ينبئ بإضطراب مركزه المالى ويتعرض لإشهار إفلاسه، نكون بصدد حالة إفلاس لكنها تتعدى حدود دولة مُعينة، وحيث إن مُعظم القوانين الوطنية المعنية بالإفلاس هى إقليمية من حيث التطبيق ومنها نظام الإفلاس السعودي الصادر بتاريخ 14/2/2018 م فإن ذلك يدعو إلى التساؤل حول كيفية حماية حقوق الدائنين من خِلال إيجاد حل قانونى ليشمل حكم الإفلاس الذمة المالية للمدين بما فيها الأموال الموجودة خارج الحدود، حيث إن إقليمية قوانين الإفلاس وغياب التنظيم القانونى للإفلاس عبر الحدود قد يؤدي إلى قيام التاجر المُفلس بالتصرف بأمواله اضرارًا بحقوق الدائنين، وتعد إقليمية التطبيق من خصائص نظام الإفلاس، ومُقتضاها أن الحكم بشهر الإفلاس لا ينتج آثاره ولا يحوز على حجيته المُطلقة إلا بالنسبة لأموال المدين المُفلس الموجودة فى إقليم الدولة التى صدر فيها دون أن يمتد أثره إلى امواله الموجودة فى دولة أُخرى، سواء كان هذا التاجر وطنيًا أم أجنبيًا له تجارة يُمارسها على أراضى الدولة التى صدر فيها حكم الإفلاس، وهذا ما تبنته مُعظم قوانين الإفلاس فى كثير من الدول.
ونتيجة للتوسع فى التجارة والاستثمار على النطاق العالمى، قد تتضمن مشاريع التاجر عناصر أجنبية كأن يكون له أصول فى أكثر من دولة بحكم تعاملاته أو يقيم فى غير بلده أو قد يكون بعض دائنى المدين غير مُنتمين إلى الدولة التى أشهر فيها الإفلاس، وكذلك الأمر بالنسبة للشركات فهى تنشئ فروعًا لها فى دولة أو أكثر، بشكل مُباشر أو غير مُباشر كما هو الحال فى الشركات المُتعددة الجنسيات، فلم تعد حالات الإفلاس محلية بل تعدت إلى خارج الحدود الوطنية وهذا ما يعبر عنه “بالإفلاس عبر الحدود”.
وقد تقوم حالة الإفلاس الدولي أو الإفلاس عبر الحدود في صورتين:-
الأولي : هي الصورة التي لا يعدو الأمر فيها عن قيام دعوى إفلاس في دولة ما مع وجود دائنين للشركة المفلسة في دولة واحدة أخرى علي الأقل.
الثانية : وهي الأكثر تعقيداً ، تتمثل في أن يكون للشركة المفلسة عدة فروع والعديد من الأصول والأنشطة التجارية وعدد من الدائنين في أكثر من دولة في وقت واحد.
وإذا كانت مصلحة الدائنين هى الهدف من تشريع قوانين الإفلاس ومنع المدين من الإضرار بهم فإن المُشكلة تكمن فى إقليمية تطبيق هذه القوانين وكيفية إدارة أموال التاجر المدين المُفلس الموجودة خارج إقليم الدولة التى أشهر فيها إفلاسه، وما يتبع ذلك من تطبيق نُظم قانونية مُختلفة فيما بين الدول المعنية مما يؤدي إلى عدم كفاءة إدارة حالات الإفلاس عبر الحدود، ورغم وجود قوانين كقانون “اليونسترال” النموذجى للإفلاس عبر الحدود إلا أنه
لايزال غير ملزم، خاصةً أن الهدف من تشريع القوانين النموذجية هو تيسير الانسجام بين التشريعات فى قضايا مُعينة تستدعى ذلك، وليس توحيد هذه التشريعات بشكل كامل، وبالرغم من وجود اتفاقيات تعاون قضائى بين بعض الدول تتعلق بهذا الشأن إلا أنها لا تزال فى نطاق محدود، لذا ظهرت الحاجة إلى وجود قواعد قانونية تحد من إقليمية هذه القوانين، سواء من حيث شمولها لأموال المدين الموجودة فى الخارج أو من حيث ضرورة وجود قواعد إجرائية مُوحدة تحكم النزاعات التى تنشأ بين التاجر المُفلس ودائنيه
فى مجال الشركات مُتعددة الجنسيات فإذا ما قضى بشهر إفلاس إحدى الشركات الوليدة فى بلد ما فإنه وفقًا لنظام وحدة وإقليمية الإفلاس فلن يكون هناك مجال للرجوع على الشركة الأُم إذا ما قضى بمسئوليتها عن ديون الشركة الوليدة وفى ذلك إهدار لحقوق الدائنين وزعزعة للثقة فى المُعاملات التجارية.