تعتبر قضايا السب و القذف و التشهير في وسائل التواصل الاجتماعي من القضايا التي تشغل المحاكم وبأعداد ليست بالقليلة ،وذلك يعود ان السبب في ارتكاب هذا الجرائم هي لحظات اندفاع واستفزاز وغضب قد يعرض فاعله لعقوبة الحبس او الجلد او بهما جميعاً ولنتحدث قليلاً عن جريمة السب والقذف وهي ما يحصل بين طرفين فيقوم احد الأطراف بإلقاء بعض الكلمات الجارحة على الآخر للتقليل من شأنه او الحط من قدره وشتمه او احد اقاربه كأمه او ابيه وهذا هو السب، وصولاً الى التعرض لعرضه او عرض احد من عائلته وذاك هو القذف، وقد يستهين بعض الناس في الألفاظ الواردة به ولا يلقي لها بالاً جهلاً منه بالعقوبة المترتبة على ذلك ، ومنه ما يقع وجهاً لوجه ومنه ما يقع عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
فمثل هذا النوع يتوافر به حق خاص وحق عام والهدف من وراء هذه العقوبات التي اتى بها المشرع هو حفظ حقوق المجني عليه وله أولوية لطلب الحق، فيقدم الحق الخاص على العام وتنشأ تلك الدعاوى بداية عبر تقديم شكوى الى قسم الشرطة او المحكمة الجزائية مصنفةً كدعوى سب او قذف أو تشهير، وتدخل المدعي العام هنا يعد ضرورياً لأن هذه الدعاوى يكون صاحبها مدعياً بالحق الخاص، اما المدعي العام فدوره هو للمطالبة بالحق العام فهنا يكون الحكم في مسألة السب والقذف بين طرفين أو اكثر مباشرة فتكون العقوبة هنا تقديرية فيقوم القاضي بتقدير الجزاء ، آخذاً في الاعتبار الظروف الخاصة بارتكاب الجريمة من حيث جسامتها وخطورتها، اما اذا وقع السب او القذف عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي برسائل نصية او تطبيقات محادثات كالواتس اب والفيس بوك ورسائل البريد الالكتروني وما الى ذلك فإنه يخضع لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ 17 وتاريخ 8/ 3/ 1428 بناءً على قرار مجلس الوزراء رقم (79) وتاريخ 7/ 3/ 1428هـ، ، فإن كان المحتوى المرسل او المنشور به تشهير بالغير فللمحكمة الجزائية، ان تحكم بمعاقبة الفاعل بالحبس مدة لا تزيد عن سنة، وبغرامة لا تزيد عن خمسمائة ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين وذلك حسب ما ورد في المادة الثالثة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، وقد يأتي في بعض القضايا ما من شأنه المساس بالنظام العام والقيم الدينية والأخلاقية والحياة الخاصة ، ففي هذه الحالة جاز للمدعي العام طلب تطبيق المادة السادسة من نظام الجرائم المعلوماتية والتي تنص “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل شخص يرتكب أياً من الجرائم المعلوماتية الآتية: 1- إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام ، او القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده ، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي” ، فالواجب من المرء توخي الحذر في الأقوال والأفعال وضبط النفس والتحلي بالصبر والحلم عند التعرض للإساءة واللجوء الى الله سبحانه وتعالى فإما تفويض الأمر لله ومسامحته او اللجوء الى القضاء الذي كفل بالشرع حفظ الحقوق، والحذر من الانجراف وراء الانفعال والغضب بما يأتي بنتائج قد لا تحمد عقباها.
ليس ما هو اجمل من قوله تعالى {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} فصلت:34، و حديث نبينا الكريم عليه افضل الصلاة والتسليم قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانهُ، ولا ينزعُ من شيءٍ إلا شانهُ» رواه مسلم.
المحامي والمستشار القانوني/ سفران الشمراني