قضايا التعويض، الحرية شيء ثمين تتضح قيمتها عندما تتقيد فهي تتعلق بكرامة الإنسان إذ تمثل مصدر قيمة له ولا يمكن تبرير تقييد الحرية إلا في حالات المصلحة العامة للمجتمع لذا فإن معيار تطور المجتمع يعتمد على حمايته للحريات والحقوق والضمانات التي يعطيها لأفراده وفق التشريع إذ إن اعتقال الفرد هو أحد المواضيع المهمة المتعلقة بالحقوق والحريات هو واحد من أخطر الإجراءات التحقيقية التي تهدد الحرية الشخصية التي تعتبر حقاً طبيعياً يضمن للشخص حق التنقل وقد منح نظام الإجراءات الجزائية الجديد في المملكة العربية السعودية الحق للنيابة العامة في توقيف المتهم وتكون مدة توقيف المتهم في النيابة العامة بالسعودية خمسة أيام وأكثر حسب تداعيات القضية ومجريات الدعوى بحيث لا تزيد هذه المدة عن ثلاثين يوماً متصلة ويكون تحت ذمة التحقيق لمدة لا تزيد عن ستة أشهر في حالة الحبس الاحتياطي وتكون هذه المدة بعد دراسة الأوراق وتحديد متطلبات القضية وملابسات الشكوك حول المتهم ومن ثم ترفع لائحة الاتهام للمحكمة المختصة للنظر في هذه الدعوى وهنا تقرر إخلاء سبيل المتهم بكفالة أو تمديد مدة الحبس لحين صدور الحكم في الدائرة المختصة المؤلفة من ثلاثة قضاة وخمسة مدققين من القضاة المختصين وبذلك تكون مدة توقيف المتهم في النيابة العامة بالسعودية متفاوتة بحسب نوع القضية وخطورتها وتنتهي مهام النيابة العامة بانقضاء فترة التوقيف لمدة ستة أشهر كحد أقصى وذلك حسب نوع الجرائم وخطورتها ففي الجرائم الماسة لأمن الوطن وسيادته يتم توقيف المتهم في النيابة العامة لحين المحاكمة وصدور الحكم النهائي.
دور النيابة العامة في مدة التوقيف:
لقد اهتم النظام الجزائي في المملكة بمهام النيابة العامة لدورها المهم في حماية الحقوق والمجتمعات من الجرائم والاعتداءات لذلك تم تعديل مدة التوقيف على ذمة التحقيق ليتثنى للنيابة العامة التحقيق في مختلف أنواع الجرائم الجنائية ومتابعة كل الإجراءات القانونية اللازمة بأسرع وقت ممكن لاتخاذ القرار الصائب في الدعوى وإحالتها للمحكمة المختصة لذلك فإن مدة التوقيف على ذمة التحقيق خمسة أيام تبدأ بالقبض على المتهم مع تخفيض فترة الحبس لمدة أقصاها ستة أشهر وفي حال كانت الجرائم خطيرة وتستدعي تمديد فترة التوقيف فهنا تعرض أوراق التحقيق على فرع هيئة التحقيق لإقرار تمديد فترة التوقيف على ذمة التحقيق وتكون على فترات متعاقبة أو على فترة محددة حسب الحاجة ويشترط أن لا تزيد مدة التوقيف عن ثلاثين يوماً من تاريخ القبض على المتهم حتى تتم إحالته للمحكمة المختصة للإفراج عنه بكفالة وفي حال كانت الجرائم خطرة وتمس بأمن الوطن فهنا يجب توقيف المتهم لحين المحاكمة وتتم عادةً المحاكمة في دائرة مؤلفة من ثلاثة قضاة ومدققين لمراجعة الحكم والتصديق عليه.
وقد أتاح النظام الجزائي في المملكة العربية السعودية للنيابة العامة منع المتهمين من السفر في الجرائم الكبيرة وخاصة التي تهدد مصلحة الأفراد والمجتمع ككل وحددت النيابة خمس حالات تستوجب التوقيف على ذمة التحقيق وهي كالآتي: –
1 – إذا خشي المحقق من هروب المتهم.
2 – إذا لم يتعهد المتهم من الحضور في الوقت اللازم.
3 – التوقيف في الجرائم الكبيرة التي تتعلق بتحقيق المصلحة العامة.
4 – في حال استدعت المصلحة العامة ذلك حيث أن النيابة العامة هي هيئة اتهام إدارية وليست قضائية.
5- إذا رأت النيابة العامة بعد انتهاء التحقيق أن الأدلة كافية ضد المتهم ترفع القضية للمحكمة المختصة وتكلف المتهم الحضور أمام المحكمة المعنية بالدعوى.
القضايا التي يعوض المتهم بها خلال إيقافه عن طريق الخطأ:
قد يحدث في كثير من الأحيان أن يتم توقيف المتهم في إحدى القضايا توقيفاً احتياطياً من النيابة العامة السعودية ثم تصدر المحكمة فيما بعد حكم ببراءته من التهمة التي كان يحاكم بها أو حتى قد تحفظ الأوراق دون إحالة القضية إلى المحكمة.
لذا يتم التعويض عن هذا التوقيف الاحتياطي في السعودية وذلك على اعتبار أن التوقيف الحبس الاحتياطي حصل لبريء تم حرمانه من حقه في الحرية في تلك الفترة والحق في الحرية يصنفه الكثير من الفقهاء أهم نعمة أنعم بها ﷲ على خلقه بعد نعمة الإسلام.
فعند وقوع أي جريمة يكون هناك شخص أو أكثر بارتكاب تلك الجريمة وقد اعتمد المشرع السعودي في إقراره لنظام التوقيف أو الحبس الاحتياطي على ثبوت ذلك من فعل النبي صلى ﷲ عليه وسلم إذ حبس رجل في تهمه.
الحق في المطالبة بالتعويض في حالة التوقيف احتياطياً دون مبرر:
إذا تجاوز المحقق في القضية صلاحياته في التوقيف الاحتياطي في هذه الحالة يقع على الموقوف ضرر وبالتالي طالما هناك ضرر يجوز طلب التعويض عن هذا الضرر والمشرع السعودي قد أوضح حق من تم إيقافه بناء على خطأ من المحقق أو من غيره في الحق بطلب التعويض إذ نصت المادة 215 من نظام الإجراءات الجزائية السعودية على (لكل من أصابه ضرر نتيجة اتهامه كيدا أو نتيجة إطالة مدة سجنه أو توقيفه أكثر من المدة المقررة الحق في طلب التعويض أمام المحكمة المختصة التي رفعت إليها الدعوى الأصلية)
هذه إذاً هي القاعدة يجوز لمن يصيب بضرر من الاتهام الكيدي أو نتيجة لطول مدة سجنه أو توقيفه أكثر من المدة المقررة يجوز له المطالبة بالتعويض ويكون للقاضي سلطة تقدير قيمة التعويض المناسب عن التوقيف الاحتياطي وفقاً لما يقدمه طالب التعويض من إثباتات بحجم الضرر الذي وقع عليه بموجب التعويض عن التوقيف الاحتياطي في السعودية وذلك نتيجة إلى خطورة التوقيف الاحتياطي غير المشروع بداية من الإساءة لسمعة الشخص مروراً بالأضرار الاقتصادية التي تطال الموقوف والتي قد تصل لحد فقدانه لعمله الذي يكسب منه.
العقوبات الغير مشمولة في التعويض وهي الجرائم الكبيرة مثل جرائم القتل اما الحالات التي يتم فيها تعويض الموقوف وهي: –
أولا: أن يحدث توقيف المتهم في جريمة لا تدخل ضمن نطاق الجرائم الكبيرة إذ أن الأصل أن يقتصر التوقيف على المتهمين في الجرائم الكبيرة، وفقاً للمادة (113) من نظام الإجراءات الجزائية السعودية والجرائم الكبيرة محددة على سبيل “الحصر” في المادة (112) من نظام الإجراءات الجزائية السعودية، التي أعطت لوزير الداخلية اختصاص تحديد هذه النوعية من الجرائم ومن الأمثلة على هذه الجرائم (جرائم الحدود المعاقب عليها بالقتل أو القطع، جرائم القتل العمد وشبه العمد، جرائم الإرهاب وتمويله، إلخ).
وبهذا فإن توقيف المتهم في غير هذه النوعية من الجرائم يعتبر غير مشروع ويمكنه من طلب التعويض عنه بعد ذلك مع هذا فقد أوضح أن هناك عدد من الحالات التي يجوز فيها للمحقق أن يصدر أمراً بتوقيف المتهم وهذه الحالات هي: –
- إذا لم يكن للمتهم مكاناً معروفاً.
- إذا لم يعين مكاناً يقبله المحقق.
- إذا كانت مصلحة التحقيق تقتضي ذلك.
- إذا كان يخشى من هربه أو اختفاؤه.
- إذا كان يخشى من أن خروجه سيجعله قادراً على التأثير في سير التحقيق.
- أو إذا كان المحقق يريد الحيلولة بين المتهم وبين العبث بالأدلة أو التأثير على الشهود أو تهديد المجني عليه فإذا توافرت أي حالة من تلك الحالات يجوز توقيف المتهم احتياطياً ولو كانت التهمة في جريمة تقع خارج نطاق الجرائم الكبيرة.
ثانياً: أن يحدث توقيف المتهم دون أن تكون الأدلة كافية ولا يقصد أن تكون الأدلة كافية للحكم بإدانة المتهم إذ أن حكم الادانة من اختصاص المحكمة لا المحقق وإنما يكفي أن تكون الأدلة كافية لرفع الدعوى إلى المحكمة.
ثالثاً: أن يتم توقيف المشتبه به وهذا خطأ لأن التوقيف الاحتياطي في السعودية لا يتم إلا على المتهم فحسب.
أما من قدمت شكوى ضده أو قام رجال الضبط القضائي ببعض الإجراءات في حقه كسماع أقواله في الشكوى فهذا يطلق عليه مشتبه به ولا يجوز توقيفه احتياطياً إلا إذا انتقل لمرحلة أن يصبح متهما بأن تتوافر في حقه أدلة كافية لوصفه بذلك.
رابعاً: أن يصدر أمر التوقيف الاحتياطي من غير المختص وذلك لأن أمر التوقيف يختلف المختص بإصداره وذلك على حسب مدة التوقيف فالمدة الأولى وهي خمس أيام من اختصاص المحقق بينما المدة الثالثة التي لا تزيد في مجموعها عن ١٨٠ يوم ولا تزيد بمفردها عن ٣٠ يوم فيختص بإصدار أمر التوقيف السيد رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام أو من يفرضه من نوابه.
خامساً: أن يصدر أمر التوقيف الاحتياطي قبل إجراء استجواب للمتهم وهذا عيب شكلي ولا يستثني من شرط أن يصدر أمر التوقيف الاحتياطي في السعودية بعد استجواب المتهم وإعلامه بالتهمة الموجهة إليه إعلاماً كاملاً إلا حالة هروب المتهم فيجوز هنا إصدار أمر بتوقيفه حتى قبل إجراء الاستجواب معه وسبب ذلك أنه بهربه يعتبر قد أعطى المحقق دليلاً على أنه هو المرتكب الفعلي للجريمة محل التحقيق.
سادساً: إصدار أمر توقيف دون تحديد مدته أو استمرار توقيف المتهم بعد انتهاء تلك المدة يعد عيباً خطيراً ويحق للمتهم في هذه الحالة طلب التعويض عن التوقيف الاحتياطي.
سابعاً: إذا صدر أمر التوقيف الاحتياطي خالياً من اسباب التوقيف يعد مخالفة للقانون ما يجعل من الممكن طلب التعويض عن التوقيف الاحتياطي في هذه الحالة.
ثامناً: – ديوان المظالم
يعد ديوان المظالم المحكمة المختصة بالحكم بالتعويض عن التوقيف الاحتياطي في السعودية فـ لو حدث أن تم توقيف المتهم احتياطياً بصورة تستوجب تعويضه عنه فما هي الجهة المختصة بنظر طلب التعويض وهناك حالتين تنتهي بهما المحكمة المختصة بالحكم بالتعويض عن التوقيف الاحتياطي وهما:
أولهما أن تنتهي القضية بحفظ الدعوى ويرى أنه في هذه الحالة يحق لمن تم توقيفه احتياطياً بشكل أو وقع الضرر عليه أن يتظلم إلي ديوان المظالم باعتباره جهة قضاء إداري وصاحبة الولاية العامة في نظر كافة الدعاوى الإدارية ودعاوى التعويض التي يقدمها ذوي الشأن عن قرارات أو أعمال جهة الإدارة وذلك بمقتضى المادة ١٣ من نظام ديوان المظالم على أن يتم ذلك خلال المدة القانونية عشر سنوات.
وثانيهما: – المحكمة المختصة ستصبح المحكمة التي نظرت الدعوى بالفعل وذلك استناداً لنص المادة 215 من نظام الإجراءات الجزائية السعودي .