التحرش وعقوباته في السعودية ،لقد صدر خلال السنوات الأخيرة في المملكة العربية السعودية العديد من الأنظمة الحديثة التي تحكم سائر مناحي المعاملات فيها ، ومن تلك الأنظمة نظام مكافحة جريمة التحرش الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/96) بتاريخ 16/9/1439 هجرياً ، وهذا بعد أن حظيت جريمة التحرش الجنسي باهتمام العديد من الأوساط الإعلامية والأكاديمية والمجتمعية ، وعلى كأفة مستوياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ،وأصبحت تلك الجريمة جزءاً من خطاب الحياة اليومية بين الناس في العديد من المجتمعات ، وخلال هذا المقال سيتم توضيح كل ما يخص جريمة التحرش الجنسي وعقوباتها في المملكة العربية السعودية.
أولا: – مفهوم التحرش:
نصت المادة الأولى من نظام مكافحة جريمة التحرش على أنه (يقصد بجريمة التحرش، لغرض تطبيق أحكام هذا النظام، كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي، تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر، تمس جسده أو عرضه، أو تخدش حياءه، بأي وسيلة كانت، بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة.) ويلاحظ من خلال النص أن المنظم السعودي جعل نطاق التجريم يمتد لكافة صور التحرش، حيث: –
- لم يضع أي شروط بشأن مكان التحرش أو مدى علانيته، فيستوى أن يقع في مكان عام او خاص، مكان عام بالتخصيص مثل الأماكن التي يسمح للجمهور بارتيادها في أوقات معينة كالمدارس والجامعات والمرافق العامة، والأماكن العامة بالمصادفة وهي الأماكن الخاصة المقصورة على عدد معين من الناس كالنوادي وغيرها.
- لم يشترط المنظم السعودي أن يقع التحرش ضد أنثى، ولكن مد فعل التحرش بغض النظر عن صفة المجني عليه، فيمكن أن يكون رجلاً، وبالتالي قد يقع التحرش من رجل على رجل أو من امرأة على امرأة، فالرجل المصاب بالشذوذ الجنسي إذا تعرض لآخر مثله بهذا السلوك يقع تحت طائلة العقاب، لأن على التجريم هي حماية شعور المجني عليه مما قد يصيبه.
- لم يقتصر المنظم على تجريم التحرش بالقول او بالفعل، ولكن أدخل إلى دائرة التجريم التحرش بالإشارة، وكما أدخل فيه التحرش بالوسائل التقنية الحديثة مثل وسائل الاتصال بطريق الانترنت ووسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية وغيرها وبالإضافة إلى الوسائل التقليدية كالبريد العادي أو أي وسيلة من الوسائل التي قد تظهر مستقبلاً.
ثانياً: – أركان جريمة التحرش.
الركن المادي لجريمة التحرش: –
يتمثل الركن المادي في تلك الجريمة؛ ما يقوم به نشاط الجاني في مواجهة المجني عليه في صورة تعرض له بأقوال او أفعال أو إشارات، والتحرش هو تصدي الجاني للمجني عليه ويكون في صورة فعل مادي من شأنه إقحام الجاني نفسه على مسلك للمجني عليه للإيقاع به، كلمس اليد وأطراف الجسد والاحتكاك به وإلقاء كلمات الاعجاب والغزل وطلب موعد، فكل هذا يشكل معنى التحرش.
الركن المعنوي لجريمة التحرش: –
يعد التحرش الجنسي في حد ذاته جريمة؛ حتى ولو لم يكن الرامي إلى تحقيق منفعة جنسية للجاني، أي لم يقترن به قصداً جنائياً خاصاً، فيكفي القصد الجنائي العام الذي يقوم فقط على عنصري العلم والإرادة، أي علم الجاني بأن الأقوال أو الإشارات أو الأفعال التي وقعت منه جنسية أو إباحية بغض النظر عن نتيجة هذه التصرفات سواء تركت أثراً لدى الغير الذي وقعت ضده أو لم تترك هذه الأثر، وحتى ولو أبدى الطرف الاخر ارتياحه لها لأن على التجريم في مجرد الاتيان بها.
وبالإضافة إلى أنه يكفي أن تتجه ارادته تجاه ارتكاب تلك التصرفات دون اشتراط وجود نية لأجل تحقيق نتيجة معينة من ارتكابها طالما كانت أرادته معتبرة قانوناً أي صادرة عن تمييز وإدراك، وعلى ذلك تقع الجريمة حتى ولو كانت تلك التصرفات لمجرد التسلية او اللهو مثل القيام بمعاكسة الفتيات كوسيلة للتسلية.
ثالثاً: – عقوبات جريمة التحرش.
أورد المنظم السعودية عقوبات على جريمة التحرش في المادة السادسة منه بحيث تحتوي على: –
- العقوبة البسيطة لجريمة التحرش.
تمثل العقوبة البسيطة لجريمة التحرش الجنسي العقاب بالسجن مدة لا تزيد على سنتين، وبغرامة مالية لا تزيد على مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ مع عدم الإخلال بأي عقوبة أخرى تقررها أحكام الشريعة الإسلامية أو أي عقوبة أشد ينص عليها أي نظام آخر.
- العقوبة المشددة للتحرش الجنسي.
نصت المادة السادسة الفقرة الثانية على تكون عقوبة جريمة التحرش السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على ثلاثمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حالة العود أو في حالة اقتران الجريمة بأي مما يأتي:
أ- إن كان المجني عليه طفلاً.
ب- إن كان المجني عليه من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ج- إن كان الجاني له سلطة مباشرة أو غير مباشرة على المجني عليه.
د- إن وقعت الجريمة في مكان عمل أو دراسة أو إيواء أو رعاية.
هـ- إن كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد.
و- إن كان المجني عليه نائماً، أو فاقداً للوعي، أو في حكم ذلك.
ز- إن وقعت الجريمة في أي من حالات الأزمات أو الكوارث أو الحوادث.
- العقوبات الأخرى لجريمة التحرش الجنسي.
لقد نص المنظم السعودي على مجموعة من العقوبات الأخرى حيث في المادة السابعة نص على:
- يعاقب كل من حرض غيره، أو اتفق معه، أو ساعده بأي صورة كانت، على ارتكاب جريمة تحرش؛ بالعقوبة المقررة للجريمة.
- يعاقب كل من شرع في جريمة تحرش بما لا يتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها.
- يعاقب كل من قدم بلاغاً كيديًّا عن جريمة تحرش، أو ادعى كيداً بتعرضه لها، بالعقوبة المقررة للجريمة.
الخاتمة: –
أن نظام مكافحة التحرش الجنسي يعد نظام مستحدث في المملكة العربية السعودية، بعدما اثبتت الحاجة ضرورة وجود مواجهة شرعية ونظامية للتحرش الجنسي، ولقد أحسن المنظم صنعاً بانه تعقب جميع حالات التحرش الجنسي وجعل تلك الجريمة من جرائم العرض وبالتالي وضع لها طابع السرية للمحافظة على المجتمع السعودي، لذا اذا واجهتك مشكلة تخص التحرش فيلزم اللجوء الى محامي متخصص بقضايا التحرش الجنسي لا عطاءك استشارة ودراسة الوضع القانوني للحالة.
