الاعتراض امام المحكمة العليا لقد اتفقت التشريعات والنظم على أن للأحكام القضائية حرمتها وقدسيتها وعدم المساس بها ، وهذا مبدأ قضائي أصيل ، والعنصر الأساسي في صياغة الحكم القضائي إنه ذو طابع بشري، وبالتالي يجوز أن يصيبه الخطأ أو النقص أو الغفلة ، ولهذا وجدت طرق الاعتراض أو الطعن في الأحكام ، واصبح التقاضي على درجتين بحيث يجوز الطعن في حكم الدرجة الأولى باي طرق الطعن لأجل ان يتم النظر في الحكم مرة أخرى ، والمملكة العربية السعودية من البلاد التي تأخذ بدرجة التقاضي على مرتين وبالتالي يجوز الاعتراض على حكم الدرجة الأولى ، وخلال هذا المقال سنوضح كيفية الاعتراض على الأحكام أمام المحكمة العليا.
اولاً:- مفهوم الاعتراض على الأحكام.
يقصد بالاعتراض على الحكم هو الإجراءات التي يسلكها المحكوم عليه أو الخصم في الدعوى الجزائية للاعتراض على الحكم والاحتجاج عليه ، بناءً على أسباب يقررها النظام ، ويختلف الاعتراض على الأحكام عما يسمى بالمعارضة في الأحكام والتي ينص عليها نظام الإجراءات الجزائية ، حيث المعارضة هي طرق طعن عادية يسلكه من صدر عليه الحكم في غيبته أمام نفس المحكمة التي أصدرته.
ثانياً:- المحكمة العليا في السعودية.
المحكمة العليا في السعودية هي جهة شكوى ضد المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ، فهي تحاكم الحكم من حيث صحة تطبيق القواعد الشرعية والنظامية وتأويلها ، وكذلك من حيث الإجراءات التي اتبعت في المحاكمة ، دون أن يكون لها التدخل في تصوير الوقائع أو في تقدير الأدلة.
ولكن تباشر المحكمة العليا عملها بوصفها محكمة موضوع في قضايا الحدود “القتل، أو القطع، أو الرجم، أو القصاص في النفس أو فيما دون النفس”. لذا يصح القول بأن قضايا الحدود تنظر من حيث الوقائع والقواعد الشرعية والنظامية المطبقة في المملكة أمام ثلاث درجات، ويكون التقاضي في هذه الدعاوى على ثلاث درجات وليس على درجتين كما هو الحال في جل الأنظمة المقارنة ، وهذا يعكس اهتمام المملكة بحقوق الإنسان ولاسيما الحقوق اللصيقة بالشخصية ويدحض في الوقت ذاته كافة الادعاءات المقصودة أو المغلوطة التي توحي بأن المملكة لا تراعى تلك الحقوق .
ثالثاً:- طرق الاعتراض على الأحكام
لقد نصت المادة (176) من نظام المرافعات الشرعية على إن طرق الاعتراض على الأحكام هي الاستئناف، والنقض، والتماس إعادة النظر، ولأن المقال يتناول الاعتراض على الأحكام أمام المحكمة العليا فسيتم بيان طرق الطعن بالنقض لأنه هو المتاح أمام المحكمة العليا.
ولقد نصت المادة (11) من نظام القضاء على:
تتولى المحكمة العليا – بالإضافة إلى الاختصاصات المنصوص عليها في نظام المرافعات الشرعية ونظام الإجراءات الجزائية – مراقبة سلامة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها في القضايا التي تدخل ضمن ولاية القضاء العام، وذلك في الاختصاصات الآتية :
- مراجعة الأحكام والقرارات التي تصدرها أو تؤيدها محاكم الاستئناف ، بالقتل، أو القطع، أو الرجم أو القصاص في النفس أو فيما دونها.
- مراجعة الأحكام والقرارات التي تصدرها أو تؤيدها محاكم الاستئناف ، المتعلقة بقضايا لم ترد في الفقرة السابقة أو بمسائل إنهائية ونحوها، وذلك دون أن تتناول وقائع القضايا، متى كان محل الاعتراض على الحكم ما يلي :
- مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها.
- صدور الحكم من محكمة غير مشكلة تشكيلًا سليمًا طبقًا لما نص عليه في هذا النظام وغيره من الأنظمة.
- صدور الحكم من محكمة أو دائرة غير مختصة.
د – الخطأ في تكييف الواقعة، أو وصفها وصفًا غير سليم.
ولقد نصت المادة (193) من نظام المرافعات الشرعية على :
للمحكوم عليه الاعتراض بطلب النقض أمام المحكمة العليا على الأحكام والقرارات التي تصدرها أو تؤيدها محاكم الاستئناف، متى كان محل الاعتراض على الحكم ما يلي:
- مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها.
- صدور الحكم من محكمة غير مشكلة تشكيلًا سليمًا طبقًا لما نُص عليه نظامًا.
- صدور الحكم من محكمة أو دائرة غير مختصة.
- الخطأ في تكييف الواقعة، أو وصفها وصفًا غير سليم.
رابعاً:- كيفية الاعتراض ومدته
يحصل الاعتراض بطلب النقض، بمذكرة تودع لدى إدارة محكمة الاستئناف التي أصدرت الحكم أو أيدته. ويجب أن تشتمل مذكرة الاعتراض على البيانات المتعلقة بأسماء الخصوم، وعنوان كل منهم، وبيان الحكم المعترض عليه، ورقمه، وتاريخه، والأسباب التي بُنِيَ عليها الاعتراض، وطلبات المعترض، وتوقيعه، وتاريخ إيداع مذكرة الاعتراض، وتقيد إدارة محكمة الاستئناف مذكرة الاعتراض في يوم إيداعها في السجل الخاص بذلك، وترفعها مع صورة ضبط القضية وجميع الأوراق إلى المحكمة العليا خلال مدة لا تزيد على ثلاثة أيام من تاريخ انتهاء مدة الاعتراض.
نصت المادة (194) من نظام المرافعات الشرعية على إنه مدة الاعتراض بطلب النقض ثلاثون يومًا، ويستثنى من ذلك الأحكام الصادرة في المسائل المستعجلة فتكون خمسة عشر يومًا. فإذا لم يودع المعترض اعتراضه خلال هاتين المدتين سقط حقه في طلب النقض.
ويثور تساؤل في غاية الأهمية : هل الاعتراض على الأحكام أمام المحكمة العليا يوقف تنفيذ الحكم؟
للإجابة على هذا السؤال نعود إلى نص المادة (196) والتي نصت على لا يترتب على الاعتراض لدى المحكمة العليا وقف تنفيذ الحكم، ما لم ينص النظام على خلاف ذلك، وللمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم مؤقتًّا إذا طُلب ذلك في مذكرة الاعتراض وكان يُخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه، ولها عنـدما تأمر بوقـف التنفيذ أن توجب تقـديم ضـمان، أو كفيل غـارم مليء، أو تأمر بما تراه كفيلا بحفظ حق المعترض عليه.
الخاتمة:-
يعد الاعتراض على الأحكام أمام المحكمة العليا لديه العديد من الضوابط القانونية التي تم مناقشتها على المقال وخاصة إنه آخر أمل للمحكوم عليه في نقض الحكم.