الإقرار الجزئي – تعد مسألة الإقرار من المسائل القانونية المهمة في النظام القضائي السعودي، إذ تمثل اعترافًا صريحًا من طرف في مسألة قانونية معينة. في هذا السياق، يُقصد بتجزئة الإقرار أن يقوم الشخص بالإقرار بجزء من الواقعة أو الوقائع التي يُستَفاد منها في نزاع قانوني، دون الإقرار بكل الوقائع.
أولاً: مفهوم الإقرار الجزئي:
الإقرار، بحسب الأصل، لا يجوز تجزئته. ومع ذلك، يجب التفريق بين أنواعه المختلفة، حيث يُحدد النظام قواعد خاصة لكل نوع على النحو الآتي:
النوع الأول: الإقرار البسيط (التام أو الكامل):
هو عبارة عن إقرار الشخص بالحق بشكل مطابق تمامًا لما يدعيه خصمه، دون أي تعديل أو إضافة.
هذا النوع من الإقرار لا يقبل التجزئة.
النوع الثاني: الإقرار الموصوف:
هو الإقرار بالواقعة المدعى بها، مع إضافة وصف مرتبط بها نشأ معها في نفس الوقت ولا يقبل الفصل عنها. وهذا النوع من الإقرار لا يُجزأ، فإما أن يقبله المقر له بكامله، أو يرفضه بكامله، وإذا رفض المقر له الإقرار بكامله.
النوع الثالث: الإقرار المركب:
هو الإقرار الذي يتضمن واقعتين متتاليتين أو أكثر، بحيث تكون إحداهما لاحقة للأخرى، ولا تعتمد إحداهما على الأخرى؛ وهذا النوع من الإقرار يقبل التجزئة، لأن الوقائع الواردة فيه متعددة ومستقلة عن بعضها البعض، ويمكن الأخذ بجزء من الإقرار ورفض الجزء الآخر.
مثال: إذا أقر شخص بوجود دين عليه ثم أضاف أنه قد وفاه، يُقبل الإقرار بالدين، أما الإقرار بالوفاء فيُعتبر دعوى مستقلة تحتاج إلى دليل لإثباتها.
تجزئة الإقرار هو أن يعترف الشخص بواقعة معينة جزئيًا دون أن يعترف بجميع تفاصيل الواقعة أو الحق. وعلى سبيل المثال، قد يعترف الشخص بوجود دين في ذمته ولكن لا يقر بمقداره أو بأسباب نشوء هذا الدين. وبالتالي، يمكن أن يترتب على هذا النوع من الإقرار تأثيرات قانونية تختلف عن الإقرار الكامل.
ثانياً:موقف النظام السعودي من الإقرار الجزئي:
فقد نصت المادة (110) من قانون المرافعات السعودي على أنه ” لا يتجزأ الإقرار على صاحبه، فلا يؤخذ منه الضار به ويترك الصالح له، بل يؤخذ جمله واحدة، إلا إذا انصب على وقائع متعددة، وكان وجود واقعه منها لا يستلزم حتماً وجود الوقائع الأخرى“.
عند تجزئة الإقرار، يجب النظر في تأثيره على حقوق الأطراف المعنية. ففي بعض الحالات، قد يؤدي الإقرار الجزئي إلى تخفيف المسؤولية القانونية أو يساهم في توجيه الدعوى في الاتجاه الصحيح. أما في حالات أخرى، قد يُحمل الطرف المُقر جزئيًا عبئًا إضافيًا لإثبات بقية الواقعة أو تحديد التزامات أخرى قد تكون مفقودة أو غامضة.
ومن ثم ؛ تعد تجزئة الإقرار في القانون السعودي مسألة مهمة تتطلب دقة في تطبيق الأحكام القانونية. وعلى الرغم من أن الإقرار الجزئي له تأثير محدود مقارنة بالإقرار الكامل، إلا أنه يظل جزءًا أساسيًا من الأدلة التي يمكن استخدامها في النزاع القضائي. لذلك، يتعين على الأطراف في أي نزاع قانوني أن يتعاملوا بحذر مع مسألة الإقرار، مع التأكد من تقديم جميع الأدلة اللازمة لدعم مواقفهم القانونية.
ثالثاً: دور المحكمة في تجزئة الإقرار:
عند دفع أحد الخصوم بتجزئة الإقرار، يجب على المحكمة أن تفصل في هذا الدفع، إما بالقبول أو الرفض، وفقًا لأحكام النظام، فالمحكمة ملزمة بتوضيح أسباب قرارها بقبول أو رفض تجزئة الإقرار في المحضر الرسمي.