أوامر الأداء كآلية سريعة لتحصيل الحقوق،السرعة والفاعلية من أبرز متطلبات البيئة التجارية، حيث إن التأخير في استيفاء الحقوق قد يُلحق خسائر جسيمة بالشركات والتجار. ومن هنا أقر نظام المحاكم التجارية آلية مبتكرة تُعرف بـ أوامر الأداء، وذلك في المواد من (67) حتى (71) من نظام المحاكم التجارية لتكون وسيلة قضائية مختصرة لتحصيل الحقوق الثابتة بالكتابة دون الحاجة إلى المرور بجميع مراحل الدعوى التقليدية.
هذه الآلية لا تمثل مجرد إجراء شكلي، بل تعد أداة جوهرية لتسريع الدورة الاقتصادية وحماية التعاملات التجارية من المماطلة.
أولاً: الأساس النظامي لأوامر الأداء:
- المادة 67: نصت على أن الدعاوى التي يكون محلها مبلغ مالي ثابت بالكتابة أو منقول معين المقدار، يُنظر فيها وفق إجراءات أوامر الأداء.
- المادة 68: توجب على المدعي أن يطالب بحقه أولاً عبر إنذار المدين قبل تقديم الطلب.
- المادة 69: يقدَّم الطلب إلكترونيًا إلى المحكمة مرفقًا بالمستندات المؤيدة.
- المادة 70: تصدر المحكمة الأمر خلال مدة قصيرة إما بالقبول أو بالرفض مع التسبيب.
- المادة 71: أجازت الاعتراض على أمر الأداء وفق الإجراءات النظامية.
ثانيًا: مزايا أوامر الأداء:
1.السرعة: تختصر الوقت مقارنة بالدعوى العادية التي تمر بعدة جلسات.
2.الاقتصاد في النفقات: تقليل تكاليف المحامي والحضور والجلسات.
3.الوضوح والشفافية: نظرًا لاشتراط أن يكون الحق ثابتًا بالكتابة وغير متنازع في أصله.
4.تحفيز الوفاء الطوعي: مجرد التهديد برفع طلب أمر أداء قد يدفع المدين للوفاء دون إجراءات قضائية.
ثالثًا: شروط طلب أمر الأداء:
1.أن يكون الحق مبلغًا ماليًا ثابتًا بالكتابة أو منقولًا معين المقدار.
2.أن يكون مستحق الأداء وغير معلق على شرط.
3.أن يُسبق الطلب بإنذار رسمي للمدين بالوفاء خلال مدة معينة.
4.أن يُقدَّم الطلب عبر المنصة الإلكترونية مرفقًا بالأدلة.
رابعًا: الفرق بين أمر الأداء والدعوى العادية:
- من حيث المدة: أمر الأداء أسرع بكثير (يُبت فيه خلال أيام).
- من حيث الإثبات: يشترط وجود محرر كتابي ثابت، بينما في الدعوى العادية يمكن الاعتماد على الشهود أو القرائن.
- من حيث الإجراءات: أمر الأداء لا يمر بمراحل المرافعة المطولة.
خامسًا: التحديات العملية:
1.إساءة الاستخدام: قد يحاول بعض الدائنين استخدام أوامر الأداء رغم أن الدين محل نزاع.
2.رفض الطلب لعدم اكتمال الشروط: كثير من الطلبات تُرفض بسبب غياب الإنذار أو ضعف الإثبات الكتابي.
3.قلة وعي بعض التجار: البعض لا يعلم بوجود هذه الآلية فيلجأ مباشرة إلى الدعوى العادية.
4.الاعتراض المتكرر: رغم سرعة إصدار الأمر، إلا أن الاعتراضات قد تعيد القضية إلى مسار الدعوى العادية.
سادسًا: المقارنة مع الأنظمة الدولية:
- في مصر: أوامر الأداء معروفة منذ عقود، وتُستخدم لتحصيل الديون التجارية والمدنية.
- في فرنسا: يوجد نظام “Injonction de payer” الذي يختصر الإجراءات لتحصيل الديون الثابتة.
- في السعودية: ما يميز النظام أنه دمج بين أوامر الأداء والتقاضي الإلكتروني، مما يجعل الإجراء أكثر سرعة ومرونة.
سابعًا: أمثلة تطبيقية:
1.شركة مقاولات تطالب عميلًا متأخرًا بمبلغ ثابت بعقد مكتوب، فترفع طلب أمر أداء ويُصدر خلال أسبوع.
2.تاجر جملة يطالب بفاتورة مستحقة على متجر تجزئة موثقة بالفواتير الإلكترونية.
3.مورد دولي يستخدم أوامر الأداء لتحصيل ثمن بضاعة مثبتة بعقد شحن ووثائق تسليم.
ثامنًا: مقترحات لتعزيز فعالية أوامر الأداء:
1.التوسع في الوعي القانوني للتجار عبر الغرف التجارية.
2.إتاحة نموذج إلكتروني موحد يسهل تقديم الطلبات.
3.تشديد العقوبات على المماطلة من المدينين لتقليل الاعتراضات الكيدية.
4.إنشاء دوائر متخصصة في المحاكم للنظر في أوامر الأداء حصريًا.